فصل: فصل: (إمرار الماء على ما نزل من اللحية):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل: [ماء الميازيب]:

لو وقف تحت ميزاب حتى سال عليه الماء ونوى رفع الحدث هل يصح وضوؤه أم لا؟ يمكن أن يقال: لا يصح، لأنه أمر بالغسل، والغسل عمل وهو لم يأت بالعمل، ويمكن أن يقال: يصح لأن الغسل عبارة عن الفعل المفضي إلى الإنغسال، والوقوف تحت الميزاب يفضي إلى الإنغسال فكان ذلك الوقوف غسلًا.

.فصل: [تقشر الجلد بعد الوضوء]:

إذا غسل هذه الأعضاء ثم بعد ذلك تقشرت الجلدة عنها فلا شك أن ما ظهر تحت الجلدة غير مغسول، إنما المغسول هو تلك الجلدة وقد تقلصت وسقطت.

.فصل: [صفة غسل العضو]:

الغسل عبارة عن إمرار الماء على العضو، فلو رطب هذه الأعضاء، ولكن ما سال الماء عليها لم يكف، لأن الله تعالى أمر بإمرار الماء على العضو، وفي غسل الجنابة احتمال أن يكفي ذلك، والفرق أن المأمور به في الوضوء الغسل، وذلك لا يحصل إلا عند إمرار الماء، وفي الجناية المأمور به الطهر، وهو قوله: {ولكن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} وذلك حاصل بمجرد الترطيب.

.فصل: [التطهر بالثلج]:

لو أخذ الثلج وأمره على وجهه، فإن كان الهواء حارًا يذيب الثلج ويسيل جاز، وإن كان بخلافه لم يجز خلافًا لمالك والأوزاعي.
لنا أن قوله: {فاغسلوا} يقتضي كونه مأمورًا بالغسل، وهذا لا يسمى غسلًا، فوجب أن لا يجزىء.

.فصل: [التثليث في أعمال الوضوء]:

التثليث في أعمال الوضوء سنة لا واجب، إنما الواجب هو المرة الواحدة، والدليل عليه أنه تعالى أمر بالغسل فقال: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} وماهية الغسل تدخل في الوجود بالمرة الواحدة، ثم إنه تعالى رتب على هذا القدر حصول الطهارة فقال: {ولكن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} فثبت أن المرة الواحدة كافية في صحة الوضوء ثم تأكد هذا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة ثم قال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به.

.فصل: [السواك]:

السواك سنة، وقال داود: واجب ولكن تركه لا يقدح في الصلاة.
لنا أن السواك غير مذكور في الآية، ثم حكم بحصول الطهارة بقوله: {ولكن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} وإذا حصلت الطهارة حصل جواز الصلاة لقوله عليه الصلاة والسلام: «مفتاح الصلاة الطهارة».

.فصل: [التسمية عند الوضوء]:

التسمية في أول الوضوء سنة، وقال أحمد وإسحاق: واجبة، وإن تركها عامدًا بطلت الطهارة، لنا أن التسمية غير مذكورة في الآية، ثم حكم بحصول الطهارة وقد سبق تقرير هذه الدلالة، ثم تأكد هذا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من توضأ فذكر اسم الله عليه كان طهورًا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورًا لأعضاء وضوئه».

.فصل: [غسل اليدين قبل الوضوء]:

قال بعض الفقهاء: تقديم غسل اليدين على الوضوء واجب، وعندنا أنه سنة وليس بواجب، والاستدلال بالآية كما قررناه في السواك وفي التسمية.

.فصل: [حد الوجه]:

حد الوجه من مبدأ سطح الجبهة إلى منتهى الذقن طولًا، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا، ولفظ الوجه مأخوذ من المواجهة فيجب غسل كل ذلك.

.فصل: [إيصال الماء للعين]:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: يجب إيصال الماء إلى داخل العين، وقال الباقون لا يجب، حجة ابن عباس أنه وجب غسل كل الوجه لقوله: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} والعين جزء من الوجه، فوجب أن يجب غسله.
حجة الفقهاء أنه تعالى قال في آخر الآية {مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مّنْ حَرَجٍ} ولا شك أن في إدخال لماء في العين حرجًا والله أعلم.

.فصل: [المضمضة والاستنشاق]:

المضمضة والاستنشاق لا يجبان في الوضوء والغسل عند الشافعي رحمه الله، وعند أحمد وإسحاق رحمهما الله واجبان فيهما، وعند أبي حنيفة رحمه الله واجب في الغسل، غير واجب في الوضوء.
لنا أنه تعالى أوجب غسل الوجه، والوجه هو الذي يكون مواجهًا وداخل الأنف والفم غير مواجه فلا يكون من الوجه.
إذ ثبت هذا فنقول: إيصال الماء إلى الأعضاء الأربعة يفيد الطهارة لقوله: {ولكن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} والطهارة تفيد جواز الصلاة كما بيناه.

.فصل: [غسل البياض الذي بين العذار]:

غسل البياض الذي بين العذار والأذن واجب عند أبي حنيفة ومحمد والشافعي رحمهم الله، وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجب لنا.
أنه من الوجه، والوجه يجب غسله بالآية، ولأنا أجمعنا على أنه يجب غسله قبل نبات الشعر، فحيلولة الشعر بينه وبين الوجه لا تسقط كالجبهة لما وجب غسلها قبل نبات شعر الحاجب وجب أيضًا بعده.

.فصل: [تخليل اللحية]:

قال الشافعي رحمه الله: يجب إيصال الماء إلى ما تحت اللحية الخفيفة، وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا يجب.
لنا أن قوله تعالى: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} يوجب غسل الوجه، والوجه اسم للجلدة الممتدة من الجبهة إلى الذقن، ترك العمل به عند كثافة اللحية عملًا بقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ في الدين مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] وعند خفة اللحية لم يحصل هذا الحرج، فكانت الآية دالة على وجوب غسله.

.فصل: [إمرار الماء على ما نزل من اللحية]:

هل يجب إمرار الماء على ما نزل من اللحية عن حد الوجه وعلى الخارج منها إلى الأذنين عرضًا؟ للشافعي رحمه الله فيه قولان: أحدهما: أنه يجب.
والثاني: أنه لا يجب، وهو قول مالك وأبي حنيفة والمزني.
حجة الشافعي رحمه الله أنا توافقنا على أن في اللحية الكثيفة لا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعور وهي الجلد، وإنما أسقطنا هذا التكليف لأنا أقمنا ظاهر اللحية مقام جلدة الوجه في كونه وجهًا، وإذا كان ظاهر اللحية يسمى وجهًا والوجه يجب غسله بالتمام بدليل قوله: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} لزم بحكم هذا الدليل إيصال الماء إلى ظاهر جميع اللحية.

.فصل: [الحكم لو نبت للمرأة لحية]:

لو نبت للمرأة لحية يجب إيصال الماء إلى جلدة الوجه وإن كانت تلك اللحية كثيفة، وذلك لأن ظاهر الآية يدل على وجوب غسل الوجه، والوجه عبارة عن الجلدة الممتدة من مبدأ الجبهة إلى منتهى الذقن، تركنا العمل به في حق الرجال دفعًا للحرج، ولحية المرأة نادرة فتبقى على الأصل.
واعلم أنه يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر الكثيف في خمسة مواضع: العنفقة، والحاجبان، والشاربان، والعذاران، وأهداب العين، لأن قوله: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ} يدل على وجوب غسل كل جلد الوجه، ترك العمل به في اللحية الكثيفة دفعًا للحرج، وهذه الشعور خفيفة فلا حرج في إيصال الماء إلى الجلدة، فوجب أن تبقى على الأصل.

.فصل: [الأذن من الوجه]:

قال الشعبي: ما أقبل من الأذن معدود من الوجه فيجب غسله مع الوجه، وما أدبر منه فهو معدود من الرأس فيمسح، وعندنا الأذن ليست ألبتة من الوجه إذ الوجه ما به المواجهة، والأذن ليست كذلك.

.فصل: [غسل المرفقين وعدمه]:

قال الجمهور: غسل اليدين إلى المرفقين واجب معهما، وقال مالك وزفر رحمهما الله: لا يجب غسل المرفقين، وهذا الخلاف حاصل أيضًا في قوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين} حجة زفر أن كلمة {إلى} لانتهاء الغاية، وما يجعل غاية للحكم يكون خارجًا عنه كما في قوله: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل} [البقرة: 187] فوجب أن لا يجب غسل المرفقين.
والجواب من وجهين: الأول: أن حد الشيء قد يكون منفصلًا عن المحدود بمقطع محسوس، وهاهنا يكون الحد خارجًا عن المحدود، وهو كقوله: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل} فإن النهار منفصل عن الليل انفصالًا محسوسًا لأن انفصال النور عن الظلمة محسوس، وقد لا يكون كذلك كقولك: بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف، فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس.
إذا عرفت هذا فنقول: لا شك أن امتياز المرفق عن الساعد ليس له مفصل معين، وإذا كان كذلك فليس إيجاب الغسل إلى جزء أولى من إيجابه إلى جزء آخر، فوجب القول بإيجاب غسل كل المرفق.
الوجه الثاني من الجواب: سلمنا أن المرفق لا يجب غسله، لكن المرفق اسم لما جاوز طرف العظم، فإنه هو المكان الذي يرتفق به أي يتكأ عليه، ولا نزاع في أن ما وراء طرف العظم لا يجب غسله، وهذا الجواب اختيار الزجاج والله أعلم.

.فصل: [غسل اليدين للأقطع]:

الرجل إن كان أقطع، فإن كان أقطع مما دون المرفق وجب عليه غسل ما بقي من المرفق لأن قوله: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} يقتضي وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، فإذا سقط بعضه بالقطع وجب غسل الباقي بحكم الآية، وأما إن كان أقطع مما فوق المرفقين لم يجب شيء لأن محل هذا التكليف لم يبق أصلًا، وأما إذا كان أقطع من المرفق قال الشافعي رحمه الله: يجب إمساس الماء لطرف العظم، وذلك لأن غسل المرفق لما كان واجبًا والمرفق عبارة عن ملتقى العظمين، فإذا وجب إمساس الماء لملتقى العظمين وجب إمساس الماء لطرف العظم الثاني لا محالة.

.فصل: [التيامن في الوضوء]:

تقديم اليمنى على اليسرى مندوب وليس بواجب، وقال أحمد: هو واجب.
لنا أنه تعالى ذكر الأيدي والأرجل ولم يذكر فيه تقديم اليمنى على اليسرى، وذلك يدل على أن الواجب هو غسل اليدين بأي صفة كان والله أعلم.

.فصل: [كيفية صب الماء]:

السنة أن يصب الماء على الكف بحيث يسيل الماء من الكف إلى المرفق، فإن صب الماء على المرفق حتى سال الماء إلى الكف، فقال بعضهم: هذا لا يجوز لأنه تعالى قال: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} فجعل المرافق غاية الغسل، فجعله مبدأ الغسل خلاف الآية فوجب أن لا يجوز.
وقال جمهور الفقهاء: أنه لا يخل بصحة الوضوء إلا أنه يكون تركًا للسنة.

.فصل: [الحكم لو نبت من المرفق ساعدان]:

لو نبت من المرفق ساعدان وكفان وجب غسل الكل لعموم قوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} كما أنه لو نبت على الكف أصبع زائدة فإنه يجب غسلها بحكم هذه الآية.

.فصل: [المقصود بقوله تعالى: {إلى المرافق}]:

قوله تعالى: {إِلَى المرافق} يقتضي تحديد الأمر لا تحديد المأمور به، يعني أن قوله: {فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} أمر بغسل اليدين إلى المرفقين، فإيجاب الغسل محدود بهذا الحد، فبقي الواجب هو هذا القدر فقط، أما نفس الغسل فغير محدود بهذا الحد لأنه ثبت بالأخبار أن تطويل الغرة سنة مؤكدة.

.فصل: [الواجب في مسح الرأس]:

قال الشافعي رحمه الله: الواجب في مسح الرأس أقل شيء يسمى مسحًا للرأس، وقال مالك: يجب مسح الكل، وقال أبو حنيفة رحمه الله: الواجب مسح ربع الرأس.
حجة الشافعي أنه لو قال: مسحت المنديل، فهذا لا يصدق إلا عند مسحه بالكلية أما لو قال: مسحت يدي بالمنديل فهذا يكفي في صدقه مسح اليدين بجزء من أجزاء ذلك المنديل.
إذا ثبت هذا فنقول: قوله: {وامسحوا بِرُؤُوسِكُمْ} يكفي في العمل به مسح اليد بجزء من أجزاء الرأس، ثم ذلك الجزء غير مقدر في الآية، فإن أوجبنا تقديره بمقدار معين لم يمكن تعيين ذلك المقدار إلا بدليل مغاير لهذه الآية، فيلزم صيرورة الآية مجملة وهو خلاف الأصل، وإن قلنا: أنه يكفي فيه إيقاع المسح على أي جزء كان من أجزاء الرأس كانت الآية مبينة مفيدة، ومعلوم أن حمل الآية على محمل تبقى الآية معه مفيدة أولى من حملها على محمل تبقى الآية معه مجملة، فكان المصير إلى ما قلناه أولى.
وهذا استنباط حسن من الآية.